حفر الابار
- 1 حفر الآبار ودورها في حياة البشر
لاجدال حول المقولة الرائجة في مختلف ثقافات العالم، التي تقول أن لا حياة بدون ماء، فلطالما شكّل الماء عاملاً في تشكل الحضارات القديمة ومهدا لنموها وازدهارها. فمن البديهي ارتباط هذا التطور والازدهار بالقرب من مصادر المياه . بل واقتران حياة السكان في تلك الأزمنة الغابرة بنهر أو بحوض أو بحيرة عذبة. فلا يحتاج الباحث في تاريخ تلك الحضارات أن يمعن النظر طويلاً حتى يربط قيام كل حضارة بوجود مصدر للمياه. لكن التساؤل الذي يطرح نفسه هو ما حال بقية أطراف العالم التي لا تحوي مصادر مياه سطحية في تلك الفترة؟ وكيف جابه الإنسان الحياة في ظل غياب الماء المتدفق إلى السطح وعدم قدرته على حفر الآبار؟
- 2 ندرة المياه المتدفقة إلى السطح وراء فكرة حفر الآبار
من المسلمات التي لا يختلف عليها اثنان أن ندرة المياه السطحية من أنهار وبحيرات ومنابع أو بعدها عن التجمعات السكانية، كان السبب الرئيسي وراء فكرة حفر الآبار عبر التاريخ. فلم تذكر الدراسات تاريخا أو فترة زمنية محددة ترجع إليها بداية ذلك. إلا أن الرائج أن الإنسان أتقن ذلك منذ أقدم الحضارات قبل الميلاد. بل هناك من الباحثين من ينسب بداية حفرها إلى العصور الحجرية والأدلة على ذلك كثيرة ومتنوعة بين وجود بعضها موغلة في القدم من جهة ووجود آلات حفر تعود إلى تلك الحقبة من جهة أخرى. وكما ذكرنا سابقاً فإن الحضارات التي قامت بمحاذاة مصادر الماء لم تكن في حاجة للبحث عنه تحت الأرض. ولو أن طرقا مشابهة لحفر الآبار استخدمت في تخزين مياه الأنهار كشق الترع (وهي حفر تشبه الآبار) الذي عُرف عند الفراعنة، على جوانب نهر النيل عند فيضانه لتشكل مصادر للمياه بعد انخفاض المد في فترة الجفاف. لكن الغالب أن بداية حفر الآبار تنسب إلى الحضارات التي قامت في الأماكن الجافة الخالية من مصادر المياه السطحية، كالحضارات المتعاقبة ببلاد الباكستان وما جاورها من تجمعات بشرية قارة اسيا. حيث عُرف عن هذه الحضارة ابتكارها لعدة طرق لتدارك النقص في المياه من بينها بناء السدود وحفر الآبار الجوفية.